نظرا لما تلعبه جمهورية مصر العربية من دور محوري لباقي دول القارة الأفريقية، وإدراكا من مصر للأهمية دول الجوار الأفريقي، اهتم قطاع العلاقات الدولية بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بدول إفريقيا عامة، وبدول حوض النيل خاصة، وذلك نظرا للأهمية البالغة التي تمثلها هذه الدول بالنسبة لمصر.
وقد بدأت الوزارة في تفعيل خطط تدريبية وتنموية منذ عام 2004 وذلك من خلال وضع عدد من البرامج التدريبية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. كما ساهمت جمهورية مصر العربية بجهود ملحوظة فيما يتعلق بتحديث قطاع البريد في إفريقيا من خلال توفير المساعدات الفنية اللازمة لهذه الدول وتدريب الكوادر البشرية، بما لدى مصر من إرث ضخم فيما يتعلق بالخدمات والمنتجات البريدية فضلا عن قدرتها على وضع وتطوير الأنظمة في هذا المجال.
يدرك قطاع العلاقات الدولية أن نجاح السياسات الدولية والإقليمية والمشروعات الاقتصادية على صعيد دول حوض النيل لن يتأتى بأي حال من الأحوال إلا من خلال بناء شبكة من العلاقات المتينة والقوية مع هذه الدول وخلق قنوات وأهداف مشتركة وأطر عمل تنظيمية وقواعد حاكمة.
واستنادا إلى هذا المبدأ تم إطلاق مبادرة بناء مجتمع المعلومات في عام 2010 لدعم تنمية قطاع الاتصالات في القارة الأفريقية وذلك بالاعتماد على محورين أساسيين.
أولهما هو دراسة وتحليل سوق الاتصالات في دول حوض النيل، ومحاولة رسم خريطة لهذا القطاع مع تحديد المناطق التي تبشر بفرص التعاون الاستثماري، أما المحور الثاني فهو إنشاء وتطوير برنامج تدريبي يعتمد على الخبرات المصرية في تنظيم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وعرض مقومات السوق المصري والشركات العاملة به.
كما استهدف هذا المشروع رصد نقاط الضعف التي تتضح من خلال هذا التحليل، مع التركيز على المنافسة الحرة والترابط والاتصال والأمن السيبراني وفرق الاستجابة للطوارئ وحقوق المستخدم، وضمان الجودة وخدمات البرودباند وتوثيق التراث الطبيعي.
وانطلاقا من هذا المشروع، بدأ قطاع العلاقات الدولية بالوزارة في مد جسور الثقة بينه وبين نظرائه في دول حوض النيل، وكانت البداية بدولة أوغندا حيث زار وفد من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في نهاية عام 2010 كان على رأسه وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري آنذاك، الدكتور طارق كامل.
وقد كان الهدف من هذه الزيارة هو التعرف عن قرب على المشاكل التي يواجهها القطاع في هذه المنطقة ومحاولة التدخل فيها والمساهمة في حلها، وهو ما أدى إلى توقيع عدد من البروتوكولات ومذكرات التفاهم التي تركز على عدد من مجالات التعاون المشترك بين الطرفين. وقد تمخض هذا التعاون عن عدد من النتائج منها وضع خطة عمل لدراسة كيفية المضي قدما في تدريب 3000 متدرب بالتنسيق مع جامعة Merkerere الأوغندية لوضع برنامج تدريبي على محورين هما تدريب أساسي وتدريب متقدم خلال سنة، وهي الخطة التي بدأت بالفعل في مرحلة التنفيذ من خلال تدريب حوالي 500 متدرب أوغندي على خدمات التعهيد الأساسية في برنامج مدته شهر قام به 5 مدربين كل منهم يقوم بتدريب مجموعة مكونة من 40 متدرب.
كما تم الاتفاق على تفعيل التعاون في مجال التدريب الخاص بإدارة الطيف الترددي، وأيضا التدريب الخاص بأطر تنظيم الاتصالات والبنية التحتية الأساسية عن طريق إرسال مدربين لتدريب الكوادر التي سيتم تحديدها من قبل الجانب الأوغندي، كما تم الاتفاق على أن يتم تقييم مركز التدريب الأوغندي وتحديد الخطوات اللازمة لتحويله إلى مركز اقليمي للتدريب باللغة الانجليزية.
كما تم تدشين أحد كوابل الألياف الضوئية بأوغندا يوم 7 أكتوبر 2011 وتم الاتفاق علي الإعلان عن التعاون المصري الأوغندي في مجال الـتعهيد خلال هذا الحدث الهام وبحضور السيد السفير المصري بأوغندا، وقد حضر وفد من المصرية للاتصالات ومعهد تكنولوجيا المعلومات من الجانب المصري.
وعلى صعيد الأمن السيبراني فقد طلب الجانب الأوغندي من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تقييم الاحتياجات الفعلية لإنشاء وتفعيل الأمن السيبراني والمراكز الوطنية للاستجابة لطوارئ الاتصالات (وهو ما يعرف بـ CERT) من معدات وكوادر كما أظهروا حاجتهم للتدريب المتخصص في هذا المجال، وفي هذا الصدد قام قطاع العلاقات الدولية فى الوزارة بالإعداد لزيارة من قبل الخبراء المصريين إلي كمبالا لتقديم الدعم الفني بخصوص كيفية إنشاء المركز الوطني الأوغندي للاستجابة لطوارئ الاتصالات، كما تم التنسيق مع معهد تكنولوجيا المعلومات لإرسال مدربين لتقديم برنامج تدريبي متخصص يتم من خلاله تدريب الكوادر الأوغندية لمستويات مؤهلة لإدارة شئون الطوارئ المتعلقة بأمن الشبكة والمعلومات.
كما قد تم الاتفاق على تفعيل التعاون في هذا المجال عن طريق نقل الخبرة التي تمتلكها شركة القرى الذكية في كيفية إنشاء وإدارة القرى الذكية مع الترتيب لزيارات ميدانية للقرية الذكية من قبل الجانب الأوغندي.
أما في مجال توثيق التراث الطبيعي فقد تم الاتفاق على تفعيل خطاب النوايا عن طريق التعاون بين وزارة السياحة والثقافة الأوغندية ووزارة الاتصالات الأوغندية بحيث تكون الأولى مسئولة عن شق المحتوى والثانية عن شق تكنولوجيا المعلومات، حيث أنه من المقرر أن يقوم قطاع العلاقات الدولية بالتنسيق لإرسال خبير من مركز توثيق التراث لوضع خطة عمل لتنفيذ المشروع بحيث يتم تدشينه بعد عام خلال أكتوبر 2012 في العيد الخمسين لاستقلال أوغندا.
وقد حاول قطاع العلاقات الدولية بوزارة الاتصالات ألا يكون بمعزل عن التطورات المتلاحقة التي تشهدها دولة السودان، فقد بدأ القطاع في التنسيق لعقد ورشتي عمل حول إدارة الطيف الترددي ولوائح تنظيم قطاع الاتصالات خلال الشهر الجاري في دولة شمال السودان. كما أنه يجري حاليا التنسيق مع المعهد القومي للاتصالات للقيام بالدورات التدريبية المتفق عليها بين الجانبين، كذلك من المزمع القيام بزيارة ميدانية على مستوى الخبراء في شهر أكتوبر الحالي لجنوب السودان حتى يتسنى لنا الوقوف على احتياجاتهم الفعلية والبدء في تنفيذها.
وفي إطار التنسيق مع الجانب الأوغندي حول الكابل البري المقترح مده من أوغندا إلي مصر، ستتم دعوة السودان للمشاركة في الاجتماع المقترح انعقاده بالقاهرة مع الجانب الأوغندي خلال النصف الثاني من شهر نوفمبر 2011.
حيث أنه قد تم الانتهاء من مد كابل أرضي ربط أوغندا بالسودان من جهة الجنوب مع العلم بأن شركة المصرية للاتصالات لديها كابل بحري يطلق عليه Africa Gateway to Egypt (AGE) بالشراكة مع شركة Bharti يصل إلى شمال السودان وبالتالي فان الجانب الأوغندي طلب الربط بين الكابلين لتمكين أوغندا من الاستفادة من الكابل AGE كونها دولة حبيسة ولديها العديد من المشاكل للاتصال بمختلف دول العالم في الظروف الحالية.
أما أحدث دولة وليدة، وهي دولة جنوب السودان، فقد كانت مصر متمثلة في قطاع العلاقات الدولية بوزارة الاتصالات المصرية من أوائل الدول التي عرضت تقديم دورات تدريبية لبناء القدرات في هذه الدولة، وقد جاءت الاستجابة سريعة ومبشرة، حيث أبدى الجانب السوداني ترحيبه الشديد بهذه المبادرة ورغبته الأكيدة والسريعة في تفعيل هذا التعاون البناء.
وقد كانت هناك أيضا الكثير من الاتصالات مع دول مثل إريتريا وبوروندي ورواندا فيما يتعلق بمجال التدريب في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث جاري التنسيق لبدء استقبال المتدربين في الشهر الجاري.
كما رحب الجانب الإثيوبي ببدء الدورات التدريبية، ولكنه أشار إلى بعض الصعوبات الخاصة بإيجاد معامل للتدريب وتحمل التكلفة الخاصة بذلك، فاقترح الجانب المصري إيفاد بعثة من الخبراء المتخصصين المصريين لمناقشة الآليات المناسبة لبدء التفعيل وإيجاد الحلول الملائمة لموضوع معامل التدريب.
أما الجانب الكيني فقد أعرب أيضا عن رغبته في معرفة الآليات اللازمة لإنشاء المباني الذكية من خلال تبادل الخبرات المصرية في هذا الموضوع. فضلا عن بعض المباحثات واللقاءات التي يتم إجراؤها حاليا مع باقي دول حوض النيل.