كان عام 2006 عاماً حافلاً بالأحداث والأعمال لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات – عام فاقت فيه نجاحات الوزارة وإنجازاتها ما تحقق في سواه من أعوام.
تمثلت أبرز إنجازات الوزارة خلال عام 2006 في إبرام اتفاقية الشبكة الثالثة لخدمات المحمول، حيث فاز برخصة تشغيل هذه الشبكة تحالف تصدرته شركة اتصالات الإماراتية في صفقة فاقت قيمتها كل التوقعات لتبلغ 16.7 مليار جنيه مصري. وتجدر الإشارة إلى أن اهتمام شركة اتصالات بالسوق المصرية بدا واضحاً من خلال مشاركتها في معرض القاهرة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات فضلاً عن تأسيس مكتب لها في القرية الذكية، وستقدم الشركة من جانبها تقنيات الجيل الثالث وأحدث التطبيقات والخدمات في مجال الهاتف المحمول للسوق المصرية بدءاً من فبراير 2007.
من جانب آخر، يتصدر إصلاح العملية التعليمية وتطويرها قائمة أولويات الحكومة المصرية، وهو ما توليه الوزارة جانباً كبيراً من الاهتمام. وفي هذا الصدد، أطلقت الحكومة في شهر مايو الماضي مبادرة التعليم المصرية بالتعاون مع شركات تكنولوجيا المعلومات المحلية لترسي بذلك أسس شراكة بين القطاعين العام والخاص من جهة وأعضاء مجتمع تكنولوجيا المعلومات المشاركين في المنتدى الاقتصادي العالمي من جهة أخرى. جاء إطلاق هذه المبادرة برعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك لدعم جهود الإصلاح الشامل للعملية التعليمية في مصر، حيث تتبلور تلك الجهود في أربعة مسارات رئيسية ألا وهي: التعليم ما قبل الجامعي والتعليم العالي والتعليم المستمر، وتطوير صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي هذا السياق، جرى تدريب 65 ألف معلم في إطار برنامج يهدف إلى تزويد 2000 مدرسة في 27 محافظة بإمكانية الوصول إلى الإنترنت في غضون ستة أشهر. وقد آتت تلك الجهود ثمارها بافتتاح أول مدرسة مزودة بتقنية الاتصال اللاسلكي بالإنترنت في سبتمبر الماضي بمحافظة الإسكندرية.
هذا، ويمثل إلمام الجميع بمبادئ تكنولوجيا المعلومات أهمية قصوى بالنسبة للوزارة.وسعياً لتحقيق هذه الغاية، أطلقت الوزارة في يناير الماضي مبادرة لطرح حاسبات منخفضة السعر لتناسب إمكانيات محدودي الدخل، حيث تراوحت أسعارها بين 1.500 و1.800 جنيه مصري تُدفع على أقساط تمتد على مدار 30 شهراً. علاوة على ذلك، وقعت شركة مايكروسوفت العالمية اتفاقاً مع وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي لتوفير حساب بريد إلكتروني لكل طالب ومعلم وأستاذ جامعي.
شهد العام الماضي كذلك دخول وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كشريك في تأسيس جامعة النيل، وهي إحدى مؤسسات التعليم العالي التي لا تهدف للربح وتعود ملكيتها للقطاع الخاص كما أنها تتمتع باستقلالية الإدارة، وتكرس كل جهودها بغية تحقيق تفوق لا سيما في المجالات المرتبطة بالتكنولوجيا مع التركيز على تطوير الأعمال والبحوث التطبيقية. تأسست الجامعة في مدينة الشيخ زايد بموجب قرار جمهوري صادر بتاريخ 15 يوليو 2006 لتكون بذلك أول جامعة مصرية متخصصة في مجال الدراسات العليا والبحوث. وقد دخلت الجامعة في عدة شراكات مع مؤسسات مصرية معنية بمجالي الصناعة والأعمال فضلاً عن جامعات ومعاهد بحثية عالمية بهدف إثراء برامجها الأكاديمية وإفساح المجال أمام أعضاء هيئة التدريس بها وطلابها للاستفادة من مجتمع المعلومات العالمي بل والمساهمة فيه. تتألف الجامعة من خمس كليات – هي كلية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وكلية الدراسات العليا لإدارة التكنولوجيا وكلية إدارة الأعمال، إلى جانب كلية الهندسة والعلوم التطبيقية وكلية هندسة البترول والتعدين - فضلاً عن مركز للبحث والتطوير وآخر لإدارة المشاريع واحتضانها وثالث للإبداع والملكية الفكرية.
لقد شهدت الوزارة طيلة العام الماضي نشاطاً مكثفاً وعملاً دؤوباً حيث كلفت موفديها بالعديد من المهام خارج البلاد بهدف توقيع بروتوكولات جديدة وبحث سبل جذب استثمارات في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فضلاً عن إيجاد سوق رائجة في جميع أنحاء العالم لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المصري.
وفي هذا الشأن، أوفدت الحكومة وفداً وزارياً رفيع المستوى إلى معرض سيبت في مدينة هانوفر الألمانية، وقد ضم الوفد 16 شركة مصرية عرضت منتجاتها في المعرض، وهو ما دفع 36 شركة مصرية للمشاركة في معرض جيتكس في دبي بعد ما حققه قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المصري من نجاح لافت للأنظار والاهتمام في معرض سيبت. جدير بالذكر أن اختيار سوريا وقع على الخبرة المصرية خلال معرض جيتكس لإنشاء خدمات الحكومة الإلكترونية.
ومع امتداد نشاطها إلى جميع أنحاء العالم، وقعت الوزارة مذكرة تفاهم مع نظيرتها الهندية لدعم التعاون الثنائي بمجالات البحث والتطوير في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات علاوة على جوانب التدريب وأمن الإنترنت ولوائح قطاع الاتصالات وخدمات البريد وصياغة السياسات.
أما في الصين، فقد وقعت الوزارة اتفاقية تعاون مع وزارة صناعة المعلومات الصينية إضافة إلى اتفاقيتين أخرتين مع شركتين صينيتين هما زد تي إيه وهاواي تتناولان سبل البحث والتطوير في تقنية الشبكة اللاسلكية بعيدة المدى (Wi-Max). كما توصلت الوزارة إلى اتفاقية مع باتريشيا روس، المدير التنفيذي الجديد لشركة ألكاتيل ولوسينت، حول توسيع نطاق استخدام تقنية البث اللاسلكي فائق الدقة والسرعة (Wi-Fi) في المدارس المصرية إضافة إلى زيادة استثمارات الشركة في مراكز الدعم الفني التي تُصَدر خدماتها للخارج والاستعانة بالكوادر المصرية في هذه المراكز. وفي هونج كونج، شارك وفد وزاري في معرض تيليكوم وورلد 2006 الذي ينظمه الاتحاد الدولي للاتصالات، حيث كان د/ طارق كامل، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، من بين المتحدثين الرئيسيين لدى افتتاح منتدى الشباب.
وفي إطار جهودها الخارجية، توجه وفد من الوزارة في مهمة عمل إلى الولايات المتحدة لبحث مجالات التعاون وفرص الاستثمار الممكنة في صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمصر، وقد تمخضت المهمة عن توقيع ثلاث اتفاقيات للتعاون بين البنك الدولي والهيئة القومية للبريد (NPA) ووكالة تطوير صناعة تكنولوجيا المعلومات (ITIDA) وبين وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتماشياًً مع سياسة الحكومة الرامية إلى تعزيز الروابط والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، توجه وفد رسمي من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات برئاسة الدكتور طارق كامل لزيارة بلجيكا حيث عقد الوزير اجتماعاً هاماً مع السيدة فيفيان ريدنج مفوضة الاتحاد الأوروبي لشئون مجتمع المعلومات ووسائل الإعلام. وقد ناقش الطرفان سبل تفعيل مشاركة مصر في برنامج إطار العمل السابع (FP7) التابع للاتحاد الأوروبي والمعني بالبحث والتطوير التكنولوجي، وعلى وجه الخصوص، أولويات تقنيات مجتمع المعلومات وتنسيق القضايا التنظيمية والسياسية ذات الصلة بمجتمع المعلومات والدور المتوقع أن تلعبه مصر في العديد من برامج الاتحاد الأوروبي فضلاً عن تفعيل أنشطة المنتدى الأورومتوسطي الخاصة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ويذكر أن الفضل في اختيار مصر لاستضافة مركزا جديدا لتقديم الخدمات عن طريق الاتصال الهاتفي يتبع شركة فودافون ويقع مقره الرئيسي في مدينة السادس من أكتوبر، يرجع إلى توافر المهارات الفنية المتخصصة وزخم الخبرة المصرية في هذا المجال. ومما لا شك فيه أن المركز، الذي تم تأسيسه لخدمة عملاء فودافون - أستراليا، من شأنه جذب المزيد من الاهتمام والاستثمارات لمصر.
وبالتعاون مع وزارة الثقافة، قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتدشين مشروع يمتد على مدار ثلاثة أعوام بتكلفة تصل إلى 12 مليون جنيه مصري بهدف رقمنة أعمال التراث الثقافي المختارة من الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية (دار الكتب المصرية). وفي السياق ذاته تم توقيع بروتوكول آخر يرمي إلى رقمنة الملكية الثقافية للمسرح المصري بتكلفة تصل إلى 2 مليون جنيه مصري.
ومن بين أبرز أخبار قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المصري تلك التي طالعناها في أشهر أغسطس عن فوز وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بجائزة الإنجاز المتميز في نظم شبكات المعلومات الجغرافية لعام 2006 وجاء الإعلان عن هذه الجائزة أثناء فعاليات المؤتمر العالمي للمستخدم 2006 الذي أقيم بالولايات المتحدة الأمريكية بصدد الحديث عن مشروع شبكة المعلومات الجغرافية المصرية (EGN)، التي تعد شبكة محلية من مستخدمي ومقدمي خدمات المعلومات الجغرافية ممن يستعينون بالبنية التحتية للإنترنت في تقديم محتوى جغرافي لبرامج التصفح والحواسب المكتبية. هذا، وتعد الشبكة نظاماً تعاونياً يسمح بتعدد المشاركين ويوفر الإطار الخاص بنشر المعلومات الجغرافية أو تبادلها أو استخدامها على شبكة الإنترنت وهي متاحة لمختلف المستخدمين من القطاعين العام والخاص، فضلاً عن المستخدمين لأغراض تجارية، بما في ذلك ناشري البيانات ومقدمي الخدمات.
وفي إطار الجهود المتواصلة التي يتم بذلها لتحويل مصر إلى مجتمع معلوماتي، قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بإنشاء موقع جديد من شأنه الإيفاء بالاحتياجات المعلوماتية والمعرفية للمجتمعات المصرية والعالمية. هذا ويعرض الموقع بصفة منتظمة أحدث أنشطة الوزارة والبيانات الإعلامية والأخبار، علاوة على تغطية شاملة للأحداث ومكتبة للصور، كما أنه يتيح للباحثين إمكانية الوصول إلى أرشيف موسع يضم العديد من المطبوعات والتقارير والبيانات الإحصائية.
ومن بين سلسلة المؤتمرات الهامة التي عقدتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في عام 2006 مؤتمر اندماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وصناعة البث، والذي تم تنظيمه بالاشتراك مع وزارة الإعلام لبحث الفرص المتاحة في منطقة الشرق الأوسط لعمليات الإدماج في مجالي البنية التحتية وتقديم سبل التكنولوجيا والخدمات.
وقد ناقش المشاركون في المؤتمر احتمال وإمكانية استخدام الوسائط المندمجة، المتمثلة في برمجة الفيديو ووسائل الترفيه التفاعلية وخدمات البيانات والخدمات الصوتية، في تطوير وتعزيز الخدمات الاجتماعية والتنموية، بما في ذلك الصحة والتعليم والاتصالات.
كما كانت استضافة مصر لاجتماع اللجنة الوزارية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات التابعة للاتحاد الأفريقي أحد الأحداث الأخرى الجديرة بالاهتمام والملاحظة. تعد اللجنة الدائمة التي تم تأسيسها تحت مظلة الاتحاد الإفريقي وتضطلع مصر برئاستها لمدة عامين إحدى آليات المتابعة المختلفة التي انبثقت عن القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS) التي تم عقدها في نوفمبر عام 2005 بتونس. وقد كان الاجتماع يرمي إلى تطوير وسائل تنفيذ ومتابعة خطة العمل المعنية بالاقتصاد المعلوماتي الإقليمي لأفريقيا بالإضافة إلى تشجيع الحوار حول حشد الموارد وتطوير المهارات الضرورية لتنفيذ خطة العمل المنبثقة من القمة العالمية لمجتمع المعلومات.
هذا وقامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إطار خطتها الرامية إلى ضمان إتاحة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لجميع المصريين بالإعلان عن تخفيض رسوم تركيب خطوط الهواتف الأرضية بنسبة 50% في جميع أنحاء الجمهورية. كما تم خفض التكاليف الشهرية لخط المشترك الرقمي (DSL) بنسبة 40%، أي من 150 إلى 95 جنيه مصري لمعدل النقل 256 كيلو بايت في الثانية، بينما تم تركيب ما يصل إلى 350.000 خط SDMA في محافظتي القاهرة والإسكندرية.
ولا تعد هذه الإنجازات سوى جزءاً مما حققته الوزارة في عام 2006، بدءاً من الخطط الرامية إلى توفير حاسب لكل مواطن ونشر ثقافة تكنولوجيا المعلومات في جميع أرجاء الجمهورية وانتهاءً بلعب دورا محوريا في أجندة الإصلاح الدولي وجعل مصر طرفا فعالا في السوق الدولية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. هذا وقد وضعت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العديد من المهام صعبة التنفيذ لعام 2007، إلا أنها من خلال المثابرة والاستمرار في العمل الجاد الذي أدى إلى تحقيق هذه النجاحات، فإن الشكوك الموجودة بصدد قدرتها على إنجاز هذه المهام إلى زوال.